إن التدريب والتنمية البشرية ركيزتان مهمتان لبناء مستقبلنا ونهضة مجتمعاتنا، التي هي أحوج ما تكون إلى أصحاب رسالة يحملون همّ الإصلاح والتنمية.. لذا فإن المدرب الحقيقي يستشعر قدر هذه الأمانة ويقدّر هذه المسؤولية حق قدرها.
إن التدريب لا يقبل أبداً إلا الجودة، بل والجودة العالية جداً.. فإما أن يكون المدرب مدرباً بحق أو لا يكون.. لذلك يتحتم عليه أن يقدّم أفضل ما يمكن أن يقدمه مدرب ناجح، حتى وإن درّب بمقابلٍ مادي قليل؛ أو حتى بدون عائد مادي، فلا بد أن يلتزم بهذه الجودة، لأنه يحمل رسالة التنمية والتعليم، وهي رسالة الأنبياء وخلفاء الأرض.. فإذا لم يكن المدرب ضليعاً بالصفات المؤهلة للمدرب، فعليه ألا ينخرط في مجال التدريب إلا بعد أن يتأهل بها.
وأدوار المدرب عديدة؛ وهي -بحسب “نظرية هداية للتدريب”- أن يكون المدرب باحثاً وخطيباً وقائداً مؤثراً ، ولن ينجح المدرب ما لم يؤهل نفسه بها، وإلا فكيف سيصمم حقيبة تدريبية وهو لا يمتلك أدوات البحث العلمي؟! وكيف سيقدم مادته دون أن يكون ضليعاً بمهارات الإلقاء وفصاحة اللسان؟! ثم أنى له أن يؤثر ويُغيِّر في جمهوره ولا يمتلك صفات التأثير والتغيير باتجاه الهدف الذي عُقد البرنامج التدريبي لأجله؟
إن المتدربين أمانه بين يدي المدرب.. وبقدر إيمانه بمسؤوليته وتملُّكه لمهاراتها يستطيع أن يؤثّر فيهم بأثر لا يمحوه الزمن، ولهذا فإنني أتقدم للخريجين من دوراتي “تدريب المدربين” وثيقة شرف فيها قَسَمٌ – كقسم الأطباء والقضاة – على أن يكون المدرب المتخرج أهلاً لحمل هذه الأمانة الغالية، وأن يلتزم بالأخلاق المهنية الرفيعة في أدائه التدريبي وفي تعامله مع المتدربين، وفي منحه للشهادات، وأتمنى أن أكون قد سننت سنة حسنة يحذو بها جميع مدربي برنامج “تدريب المدربين”؛ في إطار الجهود المبذولة في تطوير مسيرة التدريب في مجال التنمية البشرية، والله الموفق.