تأملات في حياة العباقرة

بقلم معلم مدارس الموهوبين بمكة-خالد الثمالي

مدرب معتمد في مؤسسة سفراء التميزوالابداع 

ماذا لو تأملت العبقرية في ليلة شهدت عام 1879 تحقيق أعظم حلم للمخترع وبزغت شهرت أديسون باختراع المصباح ؟
كيف أعرف العبقرية وأفك ، شفرات العبقرية ؟
لماذا لم يفهم لعز العبقرية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم .

بدأت قصة اختراع المصباح الكهربائي مع أديسون حين مرضت والدته مرضاً شديداً، فقرر الطبيب أن يجري لها عملية جراحية فورية ولكن.. هناك مشكلة لأن الوقت كان ليلاً ولا يوجد ضوء كافي ليرى الطبيب ما يفعل في هذه العملية الدقيقة، لذا اضطر للانتظار حتى شروق الشمس لكي يجري العملية!!
ومن هنا كانت البداية لاختراع المصباح الكهربي، فأخذ أديسون يستمر في محاولاته وإصراره على اختراع المصباح الكهربي لدرجة أنه خاض أكثر من 999 تجربة فاشلة وفي كل مرة عندما تفشل تجربة كان يقول “هذا عظيم .. لقد أثبتنا أن هذه أيضاً وسيلة غير ناجحة للوصول للاختراع الذي أحلم به”، فكان لا يطلق عليها تجارب فاشلة بل تجارب لم تنجح!، وعلى الرغم من عدم نجاحه في عدد كبير جداً من المرات إلا أن ذلك لم يدفعه لليأس بل استمر في المحاولة، وفعلاً في عام 1879 أنار مصباح أديسون لتشع الوجوه بهجةً بهذا الاختراع العظيم، واستمرت الزجاجة مضيئة 45 ساعة وقال أديسون لمساعديه طالما أنها ظلت موقدة هذه المدة فبإمكاني إضاءتها لمئة ساعة!
وانتشر النبأ بالصحف أن الساحر إديسون حقق المعجزة والناس ما بين مكذب ومصدق، إلى أن جرى الحدث العظيم في ليلة رأس السنة الجديدة عام 1879، واستمر حتى فجر اليوم الأول من عام 1880 .

تم نشر دراسة للدكتور / زهير شاكر بموسوعة العلم واامعرفة والإبداع (( الاستحثاث التفكيري ينمي الخلايا العصبية في الدماغ ))
أثبتت الدراسات العلمية أن البيئة التقليدية التي تخلو من المثيرات و المحفزات الفكرية تعمل على المدى البعيد على ترقيق القشرة الدماغية و بالتالي انحطاط الكفاءات الذهنية.( أبحاث كوتولاك) فتظهر كل نواحي قصور التفكير المنطقي البناء في صناعة القرار و حل المعضلات . و بنفس الوقت يتدفق السلوك الاندفاعي الانفعالي و المتمثل بالعنف , و بالتالي تدهور قدرات العقل على السيطرة على واقع الحياة و الجنوح تجاه اللاعقلانية , مما يشكل خطورة على كيان الإنسان والمجتمع و العيش في أدنى مستويات المجتمعات حضاريا.

وفي دراسة (كين). ثبت أن تشجيع التفكير الايجابي و تحدي معضلات الحياة بالنهج الفكري الواقعي والتحليلي ومن خلال الحوار البناء يزيد من النواقل العصبية في الدماغ ( الاندورفين و الدوبامين), وكلاهما يؤديان إلى الشعور بالحيوية والطاقة والفرح و الاستمتاع بالحياة.
و في دراسة (فيرغيس)الحديثة. وجد أن هناك ارتباطا طرديا بين الاستحثاث و التدريب الفكري في حل الأزمات و المعضلات و التحديات و تدني في نسبة حصول مرض الزهايمر. من خلال دراسته الواسعة على مدى 4-6 سنوات ذلك ان الاستحثاث الفكري يعمل على زيادة إفراز ما يعرف بهرمون نمو الخلايا العصبية ” “nerve growth factor secretion . و كلما زادت اليقظة و الفاعلية الذهنية كلما زاد هرمون نمو الخلايا العصبية وبالتالي تنشيط الخلايا الدماغية و تنبيهها.

وخلق عصبونات جديدة تؤدي إلى تحسين الأداء الذهني كالذاكرة و الانتباه والقدرة على الربط والاستيعاب والتقصي واتخاذ القرارات السليمة , والمرونة العقلية . وكلما زاد نشاط الخلية زادت ارتباطاتها بالزوائد العصبية للخلايا المجاورة من خلال ما يعرف( بالتبرعم للزوائد العصبية الموصلة التشابكية) . وكل خلية عصبية دماغية واحدة لها القدرة على امتلاك ثلاثون ألفا من الزوائد الشبكية مشكلة كثافة عالية من النشاط الدماغي الكلي.

كما وجدت الدراسات الحديثة على الدماغ في
( أبحاث جانسن). أن تنشيط التفكير الإيجابي سواء أن كان تحليليا أو نقديا أو تأمليا أو رياضيا يزيد من تكوين الشبكات العصبية وارتباطاتها في الدماغ ,ويزيد من خلق خلايا عصبية جديدة و من كفاءتها و شجيراتها ,مانعة أيضا من موتها.

ونخلص إلى الاستنتاجات التالية:

• العبقرية / هي قوة الإدراك ، والدافعية لتحفيز الدماغ بالتفكير الإبداعي الإيجابي التباعدي والتقاربي برغبة جامحة وإحساس صادق، والقدرة على التامل والتحليل والدمج والاستقصاء، من أجل تنمية عصبوبات جديدة لتوسيع الإدراك والوصول لمرحلة الانسجام الاستكشافي.

• كانت تجارب أديسون ٩٩٩ تجربة فاشلة ولكن الدافعية لتحفيز الدماغ والرغبة الجامحة جعلته يعبر عن كل محاولة فشل بأنها تجربة تقود للفشل ويعتبره استقصاء لمرات الفشل ؟ وأعاد التأمل ومحاولة قراءة سبب الفشل وحلل واستمر في استحثاث الدماغ حتى وصل مرحلة الاستكشاف والنجاح.

كيف تعامل أديسون مع دماغه ؟
بتوسيع الإدراك وبذل المزيد من الجهد واستمرت العصبونات في النمو هذا ما ميز قشرة الدماغ لأديسون .
كان يشعر بحقيقة هذا الأمر وعبر عنه بمقوله:

•النجاح ١٪ موهبة و ٩٩ ٪ جهد . فنحن نستطيع أن نوسع إدراكنا ٩٩٪ إذا رغبنا.
• أنا لم أفعل أي شيء صدفة ولم اخترع أي من اختراعاتي بالصدفة بل بالعمل الشاق .

• إذا أردنا تطوير الدماغ وتنمية العصبونات لابد أن نوسع الإدراك بنتائج صحيحة تقود للاستكشاف وتحقيق النجاح ونحقق تنمية العصبونات الجديدة .

•لتربية أبناء وطلاب عباقرة وتنمية جيل عباقرة لابد أن نتعامل مع العقل بطرق أكثر وعياً وإدراكاً.

التفكير العبقري/ القدرة على تنشيط الدماغ واستثارته بدافعية متوقدة وجامحة وإحساس صادق بالتفكير الإبداعي الإيجابي لتنمية عصبونات جديدة وتوسيع الإدراك لتهيئة الدماغ لنبضات إبداعية .

error: المحتوى محمي !
اتصل بنا