بقلم : استاذ خالد عبدالله الثمالي
معلم اللغة العربية بمدرسة بكة الثانوية للموهوبين بمكة المكرمة
أبدع الخالق -سبحانه وتعالى- عندما ميز الإنسان بعقله ووهبه قدرات عقلية تؤهله لاقتباس أساليب الإبداع من خلال محاكاة منظومة الحياة الكونية ، مثل: النحل والنمل- تعيش في فِرَق وتضرب المثل في تکوين وتفعيل فرق العمل، أَلا يدعو هذا ويؤکد على قيمة وعائد العمل الجماعي.
يعرف العمل الجماعي في إطار فرق العمل بأنه “عمل مترابط يقوم به مجموعة من الأشخاص، بحيث يقلص کل فرد من اهتماماته وآراءه الشخصية من أجل وحدة وکفاءة الجماعة”وهذا لا يعني عدم أهمية الفرد حيث أن کفاءة وفعالية الفريق لا تطغى على الطموحات الشخصية، فإن أکفأ فرق العمل هو الفريق الذي يوجه فيه أفراده مساهماتهم ومجهوداتهم وعملهم من أجل هدف مشترك.
ومحاكاة للتجارب العالمية الرائدة في التعلم، فنحن بحاجة للعمل على تفعيل دور فرق العمل لتحسين مخرجات التعلم،
التطبيق على الورق والأشكال الهشة لفرق العمل ،تجعل مخرجات التعلم غير متوافقة مع التطلعات؛ اليابان بعد القنبلة النووية نهضت من الصفر وقفزت إلى العالمية من خلال : التخطيط، وفرق عمل تعمل بشغف من أجل التميز والريادة.
وفي دراسة لعدد من المنظمات الأمريکية للتعرف على مدى تأثير فريق العمل على الأفراد والإدارة والمنظمة ککل، توصلت الدراسة إلى شعور الأطراف الثلاثة بتطورات و تحسينات کان من أهمها:
* 76% يرون أن فريق العمل أدى إلى تحسين معنويات أفراد الفريق.
* 62% شعروا بأن فريق العمل أدى إلى رفع وتحسين معنويات الإدارة العليا.
* 90% ذکر بأن فريق العمل أدى إلى تحسين الجودة للسلع والخدمات.
* 80% أجاب بأن فريق العمل ساهم بشکل بارز وفعال في زيادة الأرباح.
* 81% أجاب بأن فريق العمل أدى إلى تحسين واضح في الإنتاجية.
خصائص فرق العمل الفعالة:
تتميز فرق العمل الفعّالة بالعديد من الصفات التي تميزها عن غيرها من فرق العمل الغير فعالة، فالعلاقات تتميز بالثقة والاحترام والتعاون، والخلاف يعتبر طبيعياً ويترکز حول الموضوعات وليس الأشخاص، کما أن المعلومات تتدفق بحرية في کافة أرجاء المنظمة ويشترك فيها کافة أعضاء الفريق، وتمتاز بالوضوح والدقة، وکذلك تختفي مظاهر التأکيد على النفوذ وتکون القرارات مستندة إلى معلومات، وبالإجماع، ويلتزم بها الجميع والسلطة تتوقف على الکفاءة ويشترك فيها الجميع ولا تخضع لقوانين تبادل المنفعة ولا تحجب عن العضو، أو تمنح له بعد مفاوضات کثيرة، وتکون منتقاة.
ومن منظور خصائص وسمات أعضاء الفريق التي تمکنهم من تحقيق فعالية وکفاءة الفريق تظهر أهمية المشارکة، التعاون، المرونة، الحساسية، تحمل المخاطر، الالتزام، التيسير، والانفتاح.
ومما سبق يمکن أن نلخص أهم صفات فريق العمل الفعال في اللارسمية، وضوح المهام والأهداف، التعاون الاعتمادية بين الأعضاء، بالإضافة إلى المشارکة والالتزام بتحقيق أهداف المنظمة، وکذلك القيادة الفعالة لنشاطات الفريق، وأخيراً دعم الإبداع والابتکار، والاتصالات المفتوحة.
الميدان التربوي بحاجة ماسة لتبني وزارة التعليم فكرة تفعيل فرق العمل بشكل علمي ، يحاكي التجاب العالمية الرائدة في التعلم التي حققت مخرجات تعلم تتوافق مع التطلعات وأي تجربة عالمية رائدة نجد أن فرق العمل تقود عملية التعلم داخل المؤسسات التربوية والمدارس،ويمكن الاستفادة من المشرفين التربويين في تفعيل وتنفيذ فرق العمل بالشكل الذي يلبي تطلعات القيادة الرشيدة ورؤية المملكة العربية السعودية، في بناء الإنسان واستثمار الطاقات الكامنة لأجيال المستقبل وتحسين مخرجات التعلم.
للفكر الإداري دوراً بارزاً في تكوين فرق عمل ناجحة أو العكس ، ولكن الخطر الحقيقي يكمن في تفريغ الرغبات الشخصية والمشكلات في ضعف الثقة وضعف الدور الإداري ؛ بزرع التنافس بين أفراد المؤسسة التربوية من خلال المقارنات ؛ بغرض السيطرة وتقبل الأوامر كيفما كانت!
ومن الصور المشرقة للفكر الإداري مكافأة المجتهد والإشادة به في الوقت الذي يستحق الإشادة والمتميز يظل متميزاً، ويكرم بالطريقة التي تتناسب مع أدائه وإبداعه وجهده المتميز.
ومن الصور المشرقة للفكر الإداري التقليل من مجاملة الأقل الأداءً خوفا من زيادة التمرد والاتزان في تطبيق النظام فيما يخدم المستفيد الأول الطالب، والعملية التعليمية، وبيئة عمل إيجابية؛ لأن هذا الاتزان والعدل يحفز الدافعية للعمل والأداء المتقن لجميع منسوبي المؤسسة التربوية.
من مظاهر الخلل الواضح عدم تعود منسوبي الميدان التربوي على العمل ضمن فرق متجانسة والميل للفردية ماعدا في بعض المدارس الأهلية التي تتفوق بالإحصائيات والأرقام على المدارس الحكومية في مخرجاتها بالقدرات والتحصيلي، أعتقد أنه لا يمكن أن نراهن على مخرجات تعلم متميزة ونحن نعمل بنفس الطريق التي أكثرنا من نقدها؛ ولم نحاكي التحارب العالمية الناجحة.
لذا تنجح فكرة تفعيل فرق العمل لتحسين مخرجات التعلم بتبني وزارة التعليم تفعيل فرق العمل ،ووعي المدراء وأن المدير الناجح الذي يستطيع أن يكون ملهماً لإزالة الفجوة النفسية والفكرية بين أعضاء الفرق، وهذا لا يقلل من شأن المدراء المبدعين والمتميزين الذين يتمتعون بوعي معرفي وفكري وسمو في العلاقات الإنسانية.