أكاديمية سفراء التميز والإبداع الدولية

التعلم التشاركي بناء المهارات وتعزيز العلاقات في بيئة تعليمية فعالة

بقلم:د. سومية حكيم

التعلم التشاركي وهو نمط من أنماط التعلم الحديثة، كما أنه مدخلا أو استراتيجية للتعليم، وفيه يعمل المتعلمون في عدد من المجموعات وتختلف هذه المجموعات بعددها، فقد تكون مجموعات صغيرة، وقد تكون مجموعات كبيرة، وذلك من أجل أن يقوموا بتحقيق هدف تعليمي مشترك.

ويعرف بكونه قيام معلمين بالتشارك في تدريس مجموعة صفية، وغالبًا ما يكون أحدهم معلم تربية عامة، والآخر معلم تربية خاصة، ويهدف التدريس التشاركي إلى توفير تعليم ذي جودة عالية، ويساعد فيدمج العديد من الطلاب في التعليم العام، كالطلاب ذوي صعوبات التعلم، وذوي النشاط الزائد وفرط الحركة، والطلاب ذوي الإعاقة…

ويشمل التدريس التشاركي المشاركة الكاملة في عملتي التخطيط للتعلم والمشاركة في التدريس، لذا فإن التدريس التشاركي يختلف عن ممارسة المعلم المساعد الذي توكل له أدوار محددة في عملية التدريس.
تطبيق التعليم المتمايز وذلك من خلال متابعة تعلم الطلاب بشكل دقيق والاهتمام بشكل أكبر بتفريد التعليم أي الاستجابة لاحتياجات الطلاب المتعددة، كما يأخذ التدريس أشكالًا عدة، ويتم تحديدها بناءً على عدة عوامل، كعدد الطلاب الذين يحتاجون إلى دعم، وطبيعة الأهداف والأنشطة التعليمية، وغيرها من العوامل.

ويساهم العمل الجماعي في جعل الطلاب يكتسبون المعرفة والخبرة في مجال الدراسة أو في مجال الشيء الذي يقومون بتعلمه، ولقد كانت التكنولوجيا الحديثة السبب الرئيسي في ظهور التعلم التشاركي، حيث ظهرت مجموعة كبيرة من بيئات التعلم الاشتراكية من خلال الإنترنت، وتتميز هذه البيئات بتعدد الأدوات التي من الممكن أن تستخدم فيها.

وللتعلم التشاركي مجموعة من الاستراتيجيات والتي سوف نقوم بتوضيحها من خلال سطور هذا المقال، قبل ذلك لا باس أن نقف مع مفهوم التعلم التشاركي.

المحور الأول: مفهوم التعلم التشاركي

التعلم التشاركي (بالإنجليزية: Collaborative Learning) هو أحد الأساليب التعليمية، التي يتعاون في نطاقها المتعلمين مع بعضهم البعض، لتحقيق هدف أو غاية مشتركة، ويتخذ تعاون المتعلمين في التعلم التشاركي شكل مجموعاتٍ صغيرة، ويكونون متفاوتين في المستوى الدراسي، ويبذلون جهدًا متناسقًا لتحقيق الهدف المنشود، عبر تطبيق استراتيجيات ذات طبيعة تشاركية، تمثل تحولاً عن الاستراتيجيات التقليدية المتبعة عادةً في الفصل الدراسي،
ويمتاز التعلم التشاركي بأنه يزود الطلاب ويُكسبهم مهاراتٍ حياتية مهمة، إلى جانب تعليمهم العمل التعاوني، وتحسين مستواهم التعليمي.

ومن هذا المنطلق نجد أن بيئات التعلم الشخصية تمثل نظاما خدمات الجيل الثاني للويب تدعم كل متعلم في تجميع المحتوى التعليمي وإدارته، وتعقب الموضوعات ذات الصلة بموضوع التعلم،  وإضافة التعليقات ومشاركة مصادر التعلم المفضلة مع أقرانه مع احتفاظه ببيئة تعلمه الشخصية الفردية، والتي تهدف إلى مساعدته في تنظيم عملية تعلمه ومراقبتها، وتقدم له الدعم في تحديد أهداف التعلم، وتجميع المحتوى وتنظيمه وإدارة الأنشطة التعليمية، أو التواصل مع الآخرين في بيئة تعلم شخصية تشاركية لتحقيق أهداف التعلم المطلوب، وبناء المعارف والمفاهيم، من خلال إضافة المحتوى و والروابط والتعليق على مشاركات الأقران، والتعاون في بناء المعرفة وتبادل الخبرات أثناء تنفيذهم للمهام التشاركية المرتبطة بموضوعات المحتوى الدراسي بشكل يناسب الأسلوب المعرفي لكل منهم.
المحور الثالث: أهمية التعلم التشاركي

إن التطورات السريعة والمتلاحقة في شتى مجالات المعرفة وتزايد الطالب فرض على المتخصصين في مجال التربية والتكنولوجيا ضرورة إعادة النظر في الأساليب والطرق التي تتماشى مع هذه التطورات، ومن أهم الطرق التي تتماشى مع ذلك هو التعلم التشاركي المنظم ذاتيا الفرصة للمتعلم التعلم وفق قدراته وما يحدد والوقت الذي يستغرقه فهو يعتمد،  حيث يتيح اعتمادا على المتعلم مما يزيد من دافعيته

إنّ لتطبيق التعلم التشاركي في العملية التعليمية أهمية كبيرة، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

تنويع وجهات النظر: يتيح التعلم التشاركي للطلاب الفرصة للاطلاع على وجهات نظر مختلفة ومتنوعة، بخصوص موضوع أو مسألة واحدة، كما يسمح لهم فهمها بشكل أفضل.

تقوية العلاقة بين أطراف عملية التعلم: بسبب التفاعل الذي يقوم عليه تطبيق التعلم التشاركي، فإنّ هذا يقوي من العلاقة بين الطلاب والمعلم.

تطوير المهارات: إنّ تطبيق التعلم التشاركي يُكسب الطلاب العديد من المهارات المهمة، والتي من أبرزها مهارات القيادة، والتنظيم، والتواصل، والتفكير.

الاستعداد للمستقبل: كما ذكرنا في النقطة السابقة، فإن التعلم التشاركي يُكسب الطلاب مهارات مهمة، وتكمن أهمية مثل هذه المهارات في أنها تُجهز الطلاب لمستقبل أفضل، وتجعلهم مستعدين لمختلف المواقف، سواءً أكانت متعلقة بالحياة المهنية أو الحياة الاجتماعية.

تقوية الشخصية: إضافة إلى أنّ التعلم التشاركي يسمح للطلاب بتذكر المعلومات لفترة طويلة، فهو أيضًا يعلمهم تحمل المسؤولية والاحترام.

ولان هناك مواقف جديدة يتعرض لها المتعلمين بشكل عام في الحياة أو بشكل خاص في العملية التعليمية والتي تعيق إشباع حاجاته سواء التعليمية والنفسية واجتماعيا وغيرها والتي تمنعه من الوصول إلى هدفه الى يكفى لحلها السلوك الاعتيادي والخبرات السابقة فقط بل تحتاج في حلها إلى تدفق نفسى ومهارات اجتماعية ووجدانية وعقلية تساعده في الحل الإبداعي لهذه المشكلات،

وكيفية مواجهة هذه المواقف الجديدة والتعامل معها بفاعلية حتى يستطيع التكيف والتوافق المنشود وهذا يعتبر في حد ذاته منبئا قويا على فاعلية الذات وارتفاع الأداء وتحسينه، وزيادة الدافعية في إنجاز المهام المكلف بها وتحسين نوعية القرارات التي يتخذها،  ومن هذا المنطلق نجد أن التدفق النفسي يعد من الاستراتيجيات الحديثة في علم النفس، إذ انه يسير وفقا لمبدأ غرس الكفاءة الذاتية والأمل والتفاؤل، اذ يتم استعمال  الإيجابي لهذه الفنيات لخفض القلق وإن قوة الشخصية يتم تنميتها من ضمن هذه الجوانب.[5]

 

المحور الثاني: استراتيجيات التعلم التشاركي

كما ذكرنا سابقًا، فإنّ التعلم التشاركي يعتمد في تطبيقه على الاستراتيجيات ذات الطبيعة التشاركية والتعاونية، وفيما يلي استعراض لبعض هذه الاستراتيجيات وأهم تفاصيلها:

الأساليب التشاركية هي:  عملية حوارية تم من خلالها التفاعل مع المشاركات والمشاركين في الدراسة وتبني آرائهم (المشاركات/المشاركين) وتوليد معارف جديدة، ذلك يعني أن صنع المعنى يعتمد على تجاربهم الخاصة.
فالأساليب التشاركية: هي الغايات …. والوسيلة لإدخال الأفراد العاديين في العملية الإنمائية والتي تهدف إلي التغيير، وعلى الرغم من اختلاف أساليبها إلى أن أساسها هو ”تبني الآراء

ومن اهم هذه الاستراتيجيات:
تدريس الأقران: في استراتيجية تدريس الأقران، يلعب الطلاب دور المعلم لتدريس أقرانهم (زملائهم)، ولإيصال المحتوى التعليمي لهم بوضوح، من خلال شرحهِ لهم، ويتطلب هذا من الطلاب الذين يلعبون دور المعلم الاستعداد مسبقًا، والاطلاع على المحتوى التعليمي لإعادة صياغتهِ بأسلوب مناسب، يتوافق مع قدرات ومستوى أقرانهم.

حل المشكلات: في استراتيجية حل المشكلات، يُقسم المعلم الطلاب إلى مجموعات، ويطرح عليهم مشكلة معينة، تحتاج منهم التعاون مع بعضهم لإيجاد الحلول لها.

استراتيجية جيكسو: يجري في استراتيجية جيكسو تقسيم مهمة أو مشكلة إلى أجزاء صغيرة، وتوزيع هذه الأجزاء على المتعلمين داخل المجموعات، ويتولى كل مُتعلم حل جزئه الخاص من المشكلة، ثم يجتمعون مع بعضهم لتجميع الحلول التي توصلوا إليها، من أجل تكوين حلٍ نهائي وشامل.

تبادل التدريس: وهي طريقة مهمة من أهم وأبرز طرق التعلم التشاركي، وتعتمد هذه الطريقة بشكل رئيسي على عملية تبادل التدريس والذي يعد جزءا من إجراءات عمل المجموعة.

كما أنها تدعم التشارك بين المعلم والطالب، وذلك نظرا لأن الطالب يأخذ دور المعلم في تقسيمه لعمل المجموعة، وذلك لأنه يخلص ويقرأ الفقرات ويقوم بإدارة المناقشات التي ترتبط وتتعلق بموضوع الدراسة.

ولهذه الطريقة مجموعة من الخطوات ومن أهم وأبرز هذه الخطوات:

إعداد الطلاب وذلك من خلال توضيح كيفية قراءة النص.

كما أنه يساعد الطلاب على قراءة المادة.

بالإضافة إلى ذلك فإنه يسمح لتبادل الأدوار ما بين المعلمين والطلاب، حيث يمكن الطلاب من قيادة المناقشة ولو لمرة واحدة من النص.

بالإضافة إلى ذلك فإنه يقوم بتلخيص الفقرة وطرح الأسئلة التي يوضح من خلالها المحتوى.

وتتميز هذه الطريقة بقدرتها الكبيرة على تطوير قدرات الطلاب على أداء مجموعة من الأنشطة العقلية كقراءة المصادر الأولية، وتحديد الأعمال الأدبية، ومن خلال قيام الطالب بدور المعلم فهذا يجعله يقع في موقع المراقب للفهم الخاص به، كما يتعرض الطالب لطرق مختلفة لتفسير المحتوى أو المادة.

مجموعات النقاش الصغيرة: تتيح هذه الاستراتيجية للطلاب الفرصة لمناقشة موضوع ما، مع أقرانهم، ضمن مجموعاتٍ صغيرة، ويتفاعلون مع بعضهم البعض، ويتبادلون الآراء، ويصغون إليها.

استراتيجية فكر – زاوج – شارك: في هذه الاستراتيجية يتم طرح موضوع أو مسألة تتطلب التفكير بخصوصها على الطلاب، ويقوم في البداية كل طالب بالتفكير بمفرده لتوليد الأفكار بخصوصها، ثم يشارك الطالب أفكاره التي توصل إليها مع أقرانه، ويصغي إلى آرائهم، ثم يعيد التفكير بالموضوع بناءً على الأفكار الأخرى المطروحة التي استمع إليها.

تفكير الأقران بصوت عالي لحل المشكلات: تعد هذه الطريقة واحدة من أهم وأبرز طرق التعلم الاشتراكي، حيث يقسم الطلاب إلى مجموعات على شكل أزواج ويقومون بتبادل الأدوار فيما بينهم، بعد ذلك يقومون بتقديم الحلول بصوت مسموع لكل الطلاب، ويتم مناقشة الحلول.

ولهذه الطريقة مجموعة من الخطوات ومن أبرز هذه الخطوات:

تقسيم الطلاب إلى مجموعات زوجية العدد.

كل طالب يتحدث عن طريقة حله للمشكلة.

ويقوم المستمع بطلب توضيحات للنقاط الغامضة التي وجدها في إجابة زملائه.

وتتميز هذه الطريقة بالتركيز على العلمية بدلا من المنتج، كما تدرب الطلاب على صياغة الأفكار وعددا من المهارات، كما تساعدهم على التعرف على الفجوة والأخطاء في الفهم.

خاتمة:

إن التعلم التشاركي يمثل نموذجًا تعليميًا فعالًا يؤسس لبيئة تعليمية غنية ومتنوعة، حيث يتيح للطلاب فرصة الاطلاع على وجهات نظر متعددة بخصوص موضوعات مختلفة، من خلال تبادل الأفكار والنقاشات الجماعية، يتمكن الطلاب من فهم القضايا بشكل أعمق وأكثر شمولية، مما يعزز من قدرتهم على التفكير النقدي.

علاوةً على ذلك، يسهم التعلم التشاركي في تقوية العلاقات بين الطلاب والمعلمين، حيث يُعزز التفاعل الإيجابي ويخلق بيئة من التعاون والاحترام المتبادل. هذا التفاعل لا يقتصر على تعزيز العلاقات فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى تطوير مهارات متعددة لدى الطلاب، مثل القيادة والتنظيم والتواصل، مما يعدهم لمواجهة تحديات المستقبل.

كما أن اكتساب هذه المهارات يُعزز من استعداد الطلاب لمختلف المواقف، سواء في الحياة المهنية أو الاجتماعية، مما يساهم في تشكيل شخصياتهم بشكل إيجابي. التعلم التشاركي يمنح الطلاب فرصة لتحمل المسؤولية، ويساعدهم على تذكر المعلومات لفترات أطول، مما يُعزز من تعلمهم العميق.

 

في ظل التحديات التي تواجه الطلاب في حياتهم اليومية، سواء كانت تعليمية أو نفسية أو اجتماعية، يصبح من الضروري تطوير مهاراتهم الاجتماعية والعقلية للتكيف مع هذه المواقف. إن استخدام استراتيجيات مثل التدفق النفسي يُعزز من كفاءتهم الذاتية ويغرس فيهم الأمل والتفاؤل، مما يساهم في تحسين أدائهم وزيادة دافعيتهم نحو إنجاز المهام.

في الختام، يُظهر التعلم التشاركي كيف يمكن أن يسهم في بناء جيل قادر على التفكير النقدي، والتكيف مع التحديات، وتحقيق أهدافه بنجاح، مما يجعل منه أسلوبًا تعليميًا يُعتبر ضروريًا في عصرنا الحالي.

المراجع: